وجهة نظر مع نضال معلوف

اسرار الخطاب الاخير للاسد .. ؟

20.02.2019 | 18:36

كثرت التكهنات حول الرسائل التي اراد الرئيس بشار الاسد توجيهها من خلال خطابه الذي القاه امام اعضاء المجالس المحلية في دمشق يوم الاحد الماضي واختلفت القراءات مضمون هذا الخطاب.

قاعة كبيرة مهيبة يجلس "ممثلي الشعب" من كل المحافظات  ينتظرون كلام "سيد الوطن" الذي سيحدد مسار الاحداث في سوريا في الفترة القادمة ويجيب على كل التساؤلات التي تراكمت وبقيت بدون اجوبة في الاشهر الماضية.

واكثر الانتقادات التي وردت على الخطاب ( حتى من المؤيدين ) كانت موجهة للمقاطعات والمداخلات المتكررة التي احصتها بعض التقارير الاعلامية بانها 30 مقاطعة لخطاب استمر حوالي الـ 60 دقيقة، اي مقاطعة خلال كل دقيقتين ، تضمنت المقاطعات شعرا ، وهتافات ، وغناء ، وحتى "دردشة" ..

ويلح علينا السؤال هنا ،  هل حقا كان "اخراج" الخطاب بهذا الشكل .. بعيدا عن ادارة الاسد وفريقه .. ؟

الجواب .. انه من المستحيل ان يكون ما حصل ارتجاليا وخارج عن ارادة الاسد شخصيا، وكان يكفي لاي عضو من الفريق المصاحب للاسد ان يعطي اشارة واحدة من وراء الكواليس "ليخرس" الجمع باكمله ويمتنع عن القيام باية جركة طوال فترة الخطاب ... وكلنا يعلم ذلك.

فاذا ما الرسالة التي اراد الاسد يمررها من خلال هذا الاخراج الذي غلف مضمونا لم يأت بجديد .. والى من يوجه هذه الرسالة ..؟

الرسالة كانت واضحة وهي تقول " انا موجود" .. ، وانا موجود كما عرفتموني وكما عرفتم ابي من قبلي .. هذا نحن وهكذا سنحكم .. وهذا القطيع الذي يظهر امامكم ورائنا ولا يملك الا كيل المديح والقاء قصائد التملق والنفاق .. ولا يمكن حكم هؤلاء الا بطريقتنا ومن خلالنا .. اننا مسيطرون على الامور وانظروا الدليل .. 

واذا انتقلنا من الشكل للمضمون فاننا سنجد في رسائل الاسد محاولة لاظهار انه قادر على فرض مزيد من الضبط والتشديد على سير الامور من من كبيرها " الوطن" الى صغيرها التي يمكن ان يصل الى "جرة" الغاز .. من حمل السلاح في مواجهة الدولة وصولا الى توجيه النقد ولو "بكلمة" .. 

ووسط هذه الرسلة الواضحة  بتشديد القبضة ، فان ممثلي الشعب من كل قرية في سوريا امامه "هائمون" بما يقول مسلمين بكلامه دون ان يسمعوه .. هو يتكلم عن سوريا وعم يردون الكلام اليه بـ "الاسد" .. هو يقول "سوريا" وهم يرددون "الاسد" ليكتمل الشعار المعروف "سوريا الاسد" .. وهذه هي الرسالة .. بكل بساطة .. سوريا هي الاسد .. 

الان ..والاهم ..  لمن يوجه الاسد هذه الرسالة بالأساس  ..

في تفاصيل الخطاب بدا على الرئيس الاسد الانزعاج خلافا لخطاباته السابقة ، وقد نفّث عن غضب واضح  بتوجيه اللوم الى "تركيا" تحديدا واردوغان على وجه الخصوص .. وذكر قضية المنطقة الامنة .. وخص بالتحقير والازدراء اكثر ما خص هم الجماعات المرتبطة بتركيا ومخططها ..

لا ننسى بان القرار في سوريا لم يعد "سوريا" عائدا الى النظام وان هناك قوى دولية لها تواجدها المباشر على الارض هي التي تجتمع وتحدد السياسات الخارجية وترسم المعالم العامة للطريق الذي ستسير عليها الامور ..

ولما كان النظام غير موجود في هذه التفاهمات ولكنه جزء اساسي منها على مستوى التنفيذ ، فانه في النهاية سيتلقى ضغوطا من "حلفاءه" ، وهم بطبيعة الحال شركاء "اعداءه" ، في المؤتمرات واللقاءات التي يتم اتخاذ القرارات فيها ..

سيكون على روسيا اولا وايران ثانيا ان تدفع النظام لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه (بينهما) وبين باقي الدول التي مبدئيا يمثل الحلف الغربي فيها  اليوم تركيا ..

كما نلاحظ بان العمليات العسكرية بدأت في محيط ادلب مباشرة بعد لقاء سوتشي الاخير وقبل خطاب الاسد مباشرة ، ويجب ان نعلم بان هذه العمليات لن تبدأ قبل موافقة تركيا ومن وراءها اميركا ، بالاتفاق مع روسيا وايران .. وعلى الاغلب ستكون هذه العمليات مقدمة لتسليم مزيدا من الاراضي الى النظام في تلك المنطقة .. "اعطاء" اراض خارج عن سيطرته واعادتها له .. ومقابل هذا "العطاء" هناك لاشك مقابل .. ؟

الملف الشائك الاخر في مقابل ملف ادلب هو الشمال ، الحدود الواسعة التي ستشكل تهديدا ليس لتركيا وفقط وانما لكل الغرب ان انفجرت الامور مرة اخرى على تخومها .. وحتى لا تنفجر يجب ان تبقى "بايد امينة" ليست يد الاسد من بينها ..

من الواضح بانه هناك حزام سيتشكل ليصد اي خطر يتهدد تركيا يمكن ان ينتقل بعدها الى كل اوربا .. هذا الحزام الذي تكلم اردوغان مرارا وتكرار عنه .. ورفضه الاسد مرارا وتكرارا . . ، يبدو بان قرارا قد اتخذ بشأنه واصبح لازما على نظام الاسد تنفيذه ..

يمكن قراءة خطاب الاسد كنوع من التحدي او استعراض العضلات "للحليف" هذه المرة قبل العدو .. يمكن ان نقرأه بانه رسالة للروسي .. باني موجود واني مسيطر ..  خطاب يقول انا الراعي وانظر للرعية امامي .. انظر جيدا .. لم يتغير شيء .. ؟

ادخل هذا في حساباتك .. فقد لا اقبل بكل شيء تقوم انت ( روسيا ) بالاتفاق عليه ..

 

نضال معلوف 

 

 

 


TAG: