مقالات رئيس التحرير
وباء الأكثرية والأقليات..
تعلمت من القراءة والبحث في تاريخ المنطقة بأنه عندما يكثر تكرار كلمة أقلية وأكثرية يكون هناك أصابع خارجية تعبث بأمن البلد.
في بداية القرن العشرين وصولاً إلى نهاية الحرب العالمية الأولى كان معظم الضحايا أيضاًمن الأكثرية.. ولكن كلمة الأكثرية كانت تشير في ذاك الوقت إلى العرب.. والقاتل هو مسلم سني ولكنه تركي طوراني.
كان الهدف وقتها إثارة النعرات القومية لتفتيت الرابطة الإسلامية التي كانت جامعة لشعوب الدولة العثمانية.
عندما دخلت فرنسا إلى سوريا استخدمت مصطلح الأكثرية والأقليات للقضاء على أية محاولات في بناء الدولة الوطنية، فاستخدمت الطائفية وجزأت سوريا إلى دويلات حسب الطائفة، السنية في حلب ودمشق، العلوية في الساحل، والدروز في الجنوب.
في العقود الأخيرة تحول الصراع في المنطقة إلى صراع مذهبي، صراع الأكثرية السنية مع الأقلية الشيعية هذه المرة، وكان صراعاً دموياً دمر المنطقة كلها.
اليوم يعود هذا السلاح الفتاك ليستخدم مرة أُخرى من خلال إذكاء الصراع في سوريا بالدفع بجماعة تنتمي للأكثرية (التي تعرضت لظلم تاريخي) لتستأثر بالسلطة وتحصد تأييداً كبيراً فقط لهذا السبب بغض النظر عن شرعيتها أو كفاءتها او تمثيلها الحقيقي لارادة السوريين.
هنا يجب أن ننظر إلى دول أاخرى مثل ليبيا ومصر الصومال والسودان.. الحكام في هذه الدول من الأكثرية فلماذا لم تنتظم الأمور هناك.
لأنه هناك، تم تطبيق نماذج أخرى من فتنة الأكثرية والأقليات، قبلية، مناطقية فئوية.. إلخ..
حتى اليوم في سوريا السنة (الأكثرية) يعتبرون أن نظام الأسد الذي ينتمي للأقلية السبب في الظلم الذي تعرضوا له.
ولكن لاحظوا أن السنة العرب يأخذون على النظام أنه أقلاوي علوي، بينما السنة الأكراد يأخذون عليه بأنه أقلاوي بعثي "قومجي".
لا تعتقدوا بأننا الشعوب الوحيدة التي عانت من هذه الآفة.. ولكن أتت إلينا متأخرة.. ومن حسن حظنا أن البشرية اخترعت الدواء لهذا الداء.
وما علينا إلا أن نستفيد منه ولا نحاول إعادة اختراع الدولاب.
هذا الابتكار البشري العظيم.. اسمه "الدولة".. حيث لا يوجد فيها أقليات وأكثرية يوجد فيها مواطن له حقوق وعليه واجبات.
نضال معلوف