مساهمات القراء

واقع المحاماة في حمص في عهد النظام الساقط..بقلم : عبد الرحمن الشامي

05.01.2025 | 22:00

احتكار فاسد وتدمير للكفاءات منذ بداية حكم نظام الأسد البعثي..كانت المحاماة واحدة من أكثر المهن تأثراً بتسلط السلطة وأجهزتها الأمنية.

وفي مدينة حمص التي كانت تعرف بأنها “عاصمة الثورة”، كان واقع المحاماة أشد وضوحًا في تجسيد الفساد واحتكار السلطة.

في هذا السياق…أصبح دور المحامي ليس فقط الدفاع عن الحقوق بل كان عليه أن يتكيف مع نظام استبدادي يعمد إلى تدمير أي إمكانية للعدالة المستقلة.

في سنوات ما قبل الأزمة…كان هناك محامون أكفاء في حمص يتمتعون بسمعة طيبة في أوساط القضاء والمجتمع المدني..ويمثلون ضمانة لحماية حقوق المواطنين.

لكن مع اندلاع الأزمة السورية في 2011 بدأ مشهد المحاماة يتحول بشكل جذري مع ظهور فئة جديدة من المحامين…ليس لديهم أي تاريخ مهني سابق لكنهم استطاعوا أن يفرضوا أنفسهم على الساحة بفضل علاقاتهم المشبوهة مع الأجهزة الأمنية.

أصبحت هذه الفئة تتقاسم فيما بينها “كعكة” القضايا ..وتنفرد بتقديم نفسها كـ “ممثلين حصريين” في مجالات معينة..

وهو ما جعلهم يتصدرون المشهد بشكل غير مبرر هذه الفئة من المحامين الذين لم يكونوا معروفين في الأوساط المهنية قبل الأزمة كان لهم دور رئيسي في إعادة تشكيل واقع القضاء بما يتناسب مع مصالح النظام..

فالمحامون الذين كانوا يعتمدون على الكفاءة والجدارة في السابق..أصبحوا الآن مجرد جزء من المشهد الذي يهيمن عليه هؤلاء “المرتزقة.. هؤلاء المحامون الجدد تمكنوا من السيطرة على الدعاوى التي تدر أرباحاً طائلة..مثل قضايا الجمارك والدعاوى العسكرية والتي كانت بمثابة “حكر” على قلة منهم.

لقد حول هؤلاء المحامون المحاكم إلى مجرد ساحة للفساد حيث كان القضاء العسكري والجمارك في تلك الحقبة يشهدان تلاعباً ممنهجاً..فكانت الدعاوى لا تُنصف إلا أولئك الذين لهم ارتباطات وثيقة بالأجهزة الأمنية.

القضاء العسكري كان مجرد مسرحية حقيقية..والأبطال فيها كانوا نفس الوجوه.. محامون قليلون يتقاضون أموالًا ضخمة لقاء خدماتهم في طمس العدالة وتحويلها إلى مجرد أداة طيّعة للنظام.

ولم يكن هذا التحول مجرد تهميش للمحامين الأكفاء..بل كان أداة من أدوات النظام في سحق أية مقاومة مهنية حقيقية.

فكل محامي لا يرتبط بعلاقات مع السلطة وكان يسعى للقيام بواجبه المهني وفق القوانين والعدالة..كان يعاني من التضييق المستمر..بل قد يصل الأمر إلى الاعتقال أو الملاحقة الأمنية.

وأصبحت مهنة المحاماة في حمص مثل العديد من المهن الأخرى.. مجرد وسيلة للنفوذ والتكسب غير المشروع…بينما اختفت العدالة وتلاشت حقوق الناس في ظل هذه المنظومة الفاسدة.

الحقيقة التي كانت واضحة للجميع هي أن هذه الفئة الجديدة من المحامين لم تكن تسعى لتحقيق العدالة أو الدفاع عن الحق بل كانت تمثل مصالح النظام وأجهزته الأمنية.

لقد تمكنوا من إعادة تشكيل المشهد القضائي بحيث أصبح القضاء مسيسًا تمامًا..و أصبح دور المحامي ليس الدفاع عن المظلومين بل أن يكون جزءاً من آلة القمع والفساد التي لا هم لها سوى تعزيز استبداد النظام.

أما المحامون الذين ظلوا مخلصين لمهنتهم وللمبادئ التي تقوم عليها، فقد شهدوا تراجعاً رهيباً في عملهم بل ووجدوا أنفسهم في مواجهة آلة القمع التي تديرها هذه الفئة المتنفذة ..بل إن الكثير من هؤلاء المحامين اضطروا إما إلى التزام الصمت والمراقبة عن بعد، أو الهجرة بحثاً عن بيئة مهنية أكثر أمانًا وحرية.

في المحصلة كانت المحاماة في عهد النظام الساقط في حمص نموذجًا صارخًا لما يمكن أن تؤول إليه مهنة نبيلة عندما تصبح تحت رحمة الاستبداد والفساد. فقد تم تحويل المحاماة إلى مجرد وسيلة للربح السريع على حساب العدالة وتدمر كل فرص للمحاسبة أو التغيير.

 

عبد الرحمن الشامي

الاراء الواردة في هذا الباب لا تعبر بالضرورة على سياسة الموقع

ارسل مساهمتك على الايميل [email protected]

 


TAG:

لبنان: مستعدون لاعادة النظر في القيود المفروضة على دخول السوريين

أعلن المدير العام للأمن العام اللبناني بالإنابة اللواء إلياس البيسري، ان لبنان مستعد لاعادة النظر في القيود المفروضة على دخول السوريين الاراضي اللبنانية، وذلك عقب منع الادارة السورية الجديدة دخول اللبنانيين سوريا الا بشروط محددة.