مراجعة في كتاب
منتجع الساحرات .. ارض شهدت مأساة لاجئة .. تشبه حكاية كل اللاجئين ..
لم اقرأ في الرواية فقط قصة "اببا" الفتاة التي تحيط بها الاطماع من كل جانب بسبب جمالها ، هذا الجمال الذي يكون الاخر سببا في توفير الحماية لها من خلال عاشق وهب لها كل شيء قبل ان تتدخل الظروف وتبدل مسار حياتها ..
بل شدني في الرواية حالة النزوح التي تمثلها "اببا" الاريترية في بلدها البديل السودان ، ومسّتني معاناتها التي قاربتها مع قصة كل نازح سوري في السنوات الاخيرة.
جعلتني الرواية - التي قرأتها بعد روايات تصف الحال في بلدان عربية اخرى - افكر كم كنا غافلين عم يجري حولنا ، كم كنا بعيدين عن معاناة شعوب مجاورة لنا ، كان يكفي ان نصغي قليلا لنسمع صراخها ولكننا لم نفعل.
"عرف الكثير لاول مرة عن قسوة الحرب، ولهب النزوح الحارق ، وسخرية الحياة التي تجعلك ممزقا في بلد لا يستقبلك بأدنى حد من الحفاوة ، ولا يطردك عن ارضه صراحة" ..
يورد الكاتب امير تاج السر هذه العبارة لوصف اللجوء في السودان .. لأجد بانها تعبر عن كل سوري اليوم في بلدان النزوح..
المعاناة واحدة والظروف متشابهة والاحداث تتكرر وكأنها سيناريو واحد يحدث في اكثر من مكان ..
" .. لم يكن الرقي في الحي، يعني ابنية عالية مميزة بالصبغ الملون والابواب والنوافذ الخشبية ، او بدور واسعة فيها حدائق وطيور .. .. ولكن مجرد وجود الكهرباء معظم ساعات اليوم ، كان راقيا .. "
من ناحية اخرى .. يمكن ان اؤكد بان عنصر التشويق موجود في الرواية ، واسلوب الكاتب متماسك وهو وان اورد اسماء غريبة على القارئ في منطقتنا من قبيل ، عبد القيوم دليل، وعبد الباسط شجر، قمزحاي تسافي و ناهوم عرجا .. فان تكرار هذه الاسماء في اماكنها الصحيحة ضمن السياق تجعلها مألوفة ومحببة لا بل تخدم السخرية المبطنة التي يتمتع بها الكاتب ولا يظهرها بشكل فج وواضح.
قدرة الكاتب في الوصف تظهر في شخصيات الرواية وتجعلها سهلة التخيل ما يساعد على ان تدخل القارئ اكثر في وقائع القصة وتصبح جزءا منها ..
تتسارع الاحداث بالتزامن مع تقدمك في قراءة صفحات الرواية وستجد نفسك في الربع الاخير تستعجل نهاية ستكون مفاجأة .. خارجة قليلا عن سياق الاحداث ولكنها تخدم الهدف وتغني البناء الدرامي للقصة.
اتمنى لكم قراءة مفيدة وممتعة ..
نضال معلوف