فيلم "المدفون" .. المشاهد محشور مع بطل الفيلم في تابوت ضيق

29.10.2018 | 19:17

إذا كنت تبحث عن تجربة بصرية غير معهودة في عالم السينما، وبالتحديد عن فيلم يستنفر كل أحاسيسك، ويوقظ فيك مشاعر الخوف والرهبة، بل الرعشة وارتعاد الفرائص كذلك؛ فعليك بمشاهدة فيلم "المدفون" ( Buried) الفريد من نوعه.

لكن يجب أن تحضّر نفسك نفسياً لهذه التجربة قبل مشاهدته، فإن كنت تعاني من رهاب الأماكن المغلقة، والخوف من المساحات الضيقة؛ فلا أنصحك إطلاقاً أن تتابع هذا الفيلم، فهو سيشد أعصابك ويستهلك سعة حلمك وصبرك حتى اللحظات الآخيرة فيه، بطريقة قاسية للغاية.

يعتمد الفيلم بأكمله على شخصية وحيدة، هي شخصية الممثل الكندي Ryan Reynolds ، الذي نجح بتجسيد شخصية   Paul Conroy ، الموشكة على الرحيل عن وجه هذه البسيطة، عبر أداء واقعي مقنع وبارع على حد سواء.

ضمن تابوت في صحراء العراق وُضع بول بعد أن وقع في كمين نفذه عراقيون يناهضون الاحتلال الأمريكي لبلدهم الجريح. يصارع  بول الزمان كي ينجو بنفسه من كارثة تبدو حتمية في حال فشله في تحقيق طلبات خاطفه بفدية مالية. وعبر هاتف تُرك في تابوته كان عليه أن يتفاوض مع شخصيات قليلة مشاركة في تسلسل الأحداث، لكنهم لن يظهروا في الفيلم إلا عبر أصواتهم، التي تتفاعل بطريقة فجة مع محنة بول الحالية.

الخاطف الضحية:

يعدُّ الفيلم من أفلام الرعب الواقعية، التي تغص بالتراجيديا المؤلمة المتعاقبة كتعاقب منشار بأسنانه الصدئة على نفس الإنسان. ذلك الإنسان العادي المدني الذي يتحول لذراع وظيفي، مكرساً احتلالاً غريباً بعيداً لبلد جريح، مع أنه شخص لم يمارس السياسة من قبل ولم يخضع لتجاذباتها .

ستتعاطف مع المخطوف بول، بالرغم من كونه أحد المتعاقدين مع قوات احتلال العراق، والقادم لاقتناص فرصة عمل بأجر مرتفع في مناطق ساخنة.

وستتعاطف مع الخاطف جابر، متفهماً دوافعه والرسالة التي أراد ايصالها لأولئك الذين يعتقدون أنهم أسياد العالم، وأن احتلال الدول هو نزهة يمضونها بسلاسة ويسر دون أن يجدوا من يقف بوجههم بعد سقوط الطاغية.

وأنت تتعاطف مع بول وجدانياً، لن تستطيع تجاهل ضحايا المكان الذي تم احتلاله، وأصبح بول شريكاً متورطاً فيه، بعد أن باتوا مجرد أرقام في شاشات التلفاز، لا قيمة لهم ولا لتاريخهم ولا لممتلكاتهم ولا لأيتامهم ولا لأراملهم ولا لجرحاهم ولا لقتلاهم. وحين يعرض المحتل صوراً لطياريه يعيثون في الأراض المحتلة تفجيراً وتدميراً وهم يستمعون للموسيقا، كي لا تزعج آذانهم أصوات الانفجارات التي تخلفها قنابلهم وصواريخهم، فإنك بالتأكيد ستشعر بقرف مؤلم، وستجد نفسك مستفزاً لدرجة كبيرة.

وهكذا ستكون في هذا الفيلم محشوراً في زاوية ضيقة تماماً كجسد بول، لا تعرف كيف تدير أحاسيسك، ولا تعرف كيف تأخذ موقفاً نهائياً مما تشاهد، فموقفك الإنساني الذي يرفض اعتقال أو خطف أو تصفية أي بريء سيتأثر حتماً بالكمية الهائلة للوجع والجروح والضحايا على يد الاحتلال الأميركي للعراق.

الفيلم يطرح بعمق المسؤولية الكبيرة التي تتعلق بمنعكسات أي عمل سياسي أو حربي تقوم به دولة ما ضد دولة أخرى. ويطرح حواراً متخماً بالعواطف الجريحة التي لا أمل من شفائها، خصوصاً حين يتصل طالب الفدية بالمدفون، ويضع كل منهم تصوراته عن الآخر، بواقعية مفرطة وقاسية.  

دعاية في مهب الريح:

هناك وهم يتم الترويج له ضمن وسائل الإعلام وفي الأفلام والثقافة العامة أن كل من يقدم خدماته للسياسة الأميركية سيحصل على الدعم والمساندة والحماية وما يضمن أمنه. هذا الوهم سيتبدد مع مشاهدة هذا الفيلم، فكل الحوارات التي سيجريها بول مع الشخص المكلف بالبحث عنه وتخليصه، ستظهر أنها مجرد كلام مخدر كي يمر الوقت بسلاسة حتى اللحظات الأخيرة حتمية الحدوث.

ومع تلاشي الأمل الذي يتهاوى بضغط الرمال على التابوت الذي يقبع فيه بول، فإن عملية البحث عنه، حتى لو جيشت لها المعدات، ستكون أشبه بالبحث عن إبرة في صحراء متصلة. وهكذا سنجد أن رمزية الحوار ستكون لبيان أن شريك المحتل لا بد أن يعلم أن لعمله  تبعات، ثمن غال، قد يكون حياته نفسها.

سنجد أيضاً أن القسوة شأن متجذر في عالم الشركات التي لا تعرف شيئاً عن الأخلاق، لذلك فإن لديها أعتى وأكثر المحامين خبثاً للتهرب من مسؤولياتها وتبعات أعمالها. فحين يتصل بول ليعرف فيما إذا كان أحد من خاصته سيحصل على تعويض مريح بعد أن يجابه هو مصيره النهائي؛ سنجد أن ثغرة ما قد استغلها المسؤول في عمله ستمنع أي تعويضات، بحجة مخالفته القوانين الناظمة للشركة التي يعمل فيها، رغم أنه يفقد الآن أغلى ما يملك. في هذه اللحظة سيكون السقوط مدوياً تماماً، سقوط لا يمكن بحال من الأحوال تجرعه، فالموت وحيداً وغريباً في أرض قاحلة، يزيده ألماً تخل سافل عنه لقاء قوانين وأنظمة لا ترحم. لا شيء أقسى من هذه الفاجعة.

فيلم "المدفونBuried "، قام بإنتاجه كل من

Audiovisual Aval SGR،

 Avalis de Catalunya SGR،

Generalitat de Catalunya - Institut Català de les Indústries Culturals (ICIC)

Icon Film Distribution (with the participation of) (uncredited)

Instituto de Crédito Oficial (ICO)

Instituto de la Cinematografía y de las Artes Audiovisuales (ICAA)

Junta de Castilla y León

Kinology (with the participation of)

Versus Entertainment

The Safran Company (in association with)

Dark Trick Films (in association with)

Studio 37

قدرت قيمة إنتاج الفيلم بحوالي 3 مليون دولار، قام فيه الكاتب كريس سبارلينج Chris Sparling بالحديث عن مصير المواطن الأميركي بول كونروي، الذي يعمل كسائق شاحنة، ضمن فريق شركة تنفذ بعض التعهدات في العراق في عام 2006، ويستيقظ وحيداً بعد تعرض قافلته لهجوم من المقاومة العراقية ليجد نفسه قد دفن حياً في تابوت خشبي، يجد بداخله هاتفاً محمولاً يحاول بواسطته الاتصال بالعالم الخارجي، وهو يصارع مصيره في هذا العالم.

قام بإخراج الفيلم بكل اقتدار رودريجو كورتيسRodrigo Cortés ، وحقق الفيلم أرباحاً وصلت حتى 19,152,480، في تأكيد على أنه بالإمكان عبر فكرة إبداعية إنتاج أفلام ذات قدرة تنافسية مع أكبر الأفلام العالمية. المصدر من هنا.

لمشاهدة العرض الترويجي للفيلم الضغط هنا.


TAG:

تعليقا على استهداف المنطقة الجنوبية.. سوريا تطالب المجتمع الدولي بمحاسبة اسرائيل

أدانت وزارة الخارجية والمغتربين، يوم الجمعة، الهجوم الي شنته الطائرات الاسرائيلية على مواقع بالمنطقة الجنوبية، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ اجراءات لوقف هذه الاعتداءات على الأراضي السورية.