ليس النظام فقط .. منفصلا عن الواقع .. !؟
ننتقد خطاب النظام ، وعندما يتكلم عن انتصار أو إعادة إعمار أو مستقبل أفضل ، ونقول إن خطابه مفصول عن الواقع ، ولكن ماذا عن خطاب الأطراف الأخرى في سوريا .. هل هي واقعية حقا ..
كنت مستمعاً ومراقباً خلال الأسبوع الماضي لما يتحدث فيه السوريون على وسائل التواصل الاجتماعي الفيسبوك اليوتيوب والكلوب هاوس ..
شاهد التقرير كاملا ...اضغط هنا
والمواضيع المطروحة في معظمها مازالت مكانك راوح منذ سنوات طويلة ، كيف نسقط نظام الأسد ، ما هو شكل الحكم الأنسب لسوريا، هل يتم تعويم نظام الأسد، متى تتحرك الولايات المتحدة لإسقاط الأسد .. مستقبل الأقليات في الدولة السورية القادمة .. ماذا تريد روسيا مقابل التخلي عن الأسد ..
هذا إذا تجاوزنا البحث في تفاصيل هذه التفاصيل .. والجدل القائم حولها منذ سنوات ..
والحقيقة لا اعرف لماذا من الصعب علينا أن نرى الحقيقة الساطعة اليوم ، هل هو قصر نظر أم نعيش حالة إنكار لضخامة الكارثة التي حلت بنا ..
الحقيقة ان سوريا -التي نتكلم عن كل التفاصيل تلك فيها- لم تعد موجودة .. وهذا واضح من الخارطة ، من الجغرافيا وتقاسم مناطق النفوذ ، واضح من الأحداث اليومية ..
ليس فقط أصبح بين المناطق حدود وحواجز وألغام ورسوم ، ليس فقط بان لكل منطقة حاكم مرتبط بسلطة وصاية خارجية .. بل الأخطر بان السكان في هذه المناطق لم يعد لديهم الرغبة في أن يعيشوا في دولة واحدة ..
ما زال الناس يتحدثون بأنها كانت ثورة لإسقاط النظام ، وهي الى اليوم ثورة لإسقاط النظام ..
ولا يدرك احد بان النظام سقط فعليا منذ أن تدخلت روسيا بجيشها وتغلغلت إيران بميليشياتها واقتطعت الولايات المتحدة ثلث سوريا وأنجزت تركيا عملياتها في الشمال ..
الموضوع اليوم بات اكبر من تغيير النظام اكبر من بشار الأسد بكثير ..
مشكلتنا بأننا دائما ننظر لقرارات الدول المتدخلة اليوم وصاحبة القرار في الشأن السوري بأنها تتخذ قراراتها كردة فعل على ما يجري على الأرض .. ردة فعل على الثورة ، ردة فعل على تسليح الثورة .. ردة فعل على ظهور الفصائل المسلحة .. ردة فعل على تعنت النظام السوري ..
ماذا لو كان الأمر غير هذا .. هل من المعقول ان كل ما يجري على الأرض السورية اليوم هو رد فعل ..
ام ان المنطق يقول بان ما يجري هو مخطط مدروس بعناية .. ينفذ بشكل دقيق .. وعميق ..
تقطيع أوصال سوريا ، التغيير الديموغرافي، الوصاية ، الغزو الثقافي .. ما شأن هذا بتغير نظام او استبدال رئيس ..
الذي انا متأكد منه ، بان السوريين ثاروا يريدون الكرامة والحرية ، يريدون أن ينتقلوا الى نظام حكم يضمن العدالة والمساواة والحياة الكريمة .. لا يمكن لشعب أن يقبل بحكم مثل حكم الأسد الى الأبد ..
ولكن بعد تلك النقطة لست متأكدا تماما بأننا نحن من نمتلك زمام الأمور ، بل من الواضح اليوم أننا كسوريون فقدنا السيطرة تماما ، ولم نعد نمتلك أي قدرة على المساهمة في تقرير مصيرنا ..
وبين نقطة البداية المحقة والواقع الكارثي الذي نعيشه اليوم هناك أحداث يجب ان نعيد تقييمها ونفهم حقيقة ما جرى وما يجري اليوم وما سيجري في المستقبل ..
الشعب السوري انقلب على السلطة وأشعل صراعا في المنطقة .. ولكن على ما يبدو هناك من نجح في السيطرة على الصراع ويتولى اليوم إدارته لتحقيق أهداف ربما تكون مبيتة ، ربما كانوا ينتظرون الفرصة ، او ربما الحصاد .. فزرع نظام مثل نظام الأسد في المنطقة وتقديم كل وسائل الدعم ليحكم كل تلك الحقوق .. لن يكون بهدف الاستقرار .. بل بهدف زعزعة الاستقرار ..
هل تستخدمنا الأطراف اليوم في تنفيذ مشاريع لا نعرف أبعادها، ولكنها ابعد ما يكون عن إبقاء سوريا موحدة ، ومساعدتنا في بناء دولتنا فيها .. ؟
هذا السؤال الذي يجب علينا جميعا أن نجد الإجابة عليه .
نضال معلوف