حتى في عهد العثمانيين والاحتلال الفرنسي كان في سوريا احزاب معارضة؟!
لم تشهد الساحة السورية نضوبا في العمل السياسي وانفراد في السلطة يشابه ما مر علينا في الخمسين عاما الماضية.
حتى في اخر ايام الدولة العثمانية وفي عهد ما يعرف باسم الديكتاتورية الجماعية التي سيطر عليها الضباط الانقلابيون على سلطة الخلافة المتمثلة في الخليفة عبد الحميد الثاني، استطاعات شخصيات من سوريا تأسيس حزب الحرية والاعتدال الذي كان حزبا معارضا لحزب الاتحاد والترقي الحاكم.
في 9 شباط عام 1925 اسس عبد الرحمن الشهبندر الشخصية السياسية المعروفة في تاريخ سوريا المعاصر حزب الشعب ربما كاول حزب في عهد الانتداب الفرنسي.
عرف من اعضاء الحزب عندما تم الاعلان عنه رسميا في حزيران من ذات العام، فارس الخوري، جميل مردبم بك، ولطفي الحفار.
وعلى الهامش لحظنا بان الاسماء المذكورة كانت في محفل واحد من محافل الماسونية في دمشق في التسجيل الذي نشرناه عن الموضوع قبل ايام.
الحزب لم يدم عمله طويلا وكان اهم نشاط له تنظيم التظاهرة التي واجهت زيارة اللورد بلفور صاحب الوعد المشؤوم الشهير باعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين، عندما زار دمشق في نيسان من العام 1925.
كما كان للحزب ولمؤسسه دورا بارزا في قيام الثورة السورية الكبرى التي امتدت من صيف عام 1925 الى منتصف العام 1927.
يرد في تاريخ سوريا ايضا حزب الشعب الذي اسس في العام 1948 بعد جلاء القوات الفرنسية عن سوريا.
ولكن ليس له علاقة بحزب الشهبندر.
وحزب الشعب هذا تأسس على اثر انقسام الكتلة الوطنية التي كانت تضم معظم الشخصيات البارزة التي عملت خلال فترة الاحتلال الفرنسي، قبل ان تنقسم الى الحزب الوطني الذي يضم وجهاء مدينة دمشق وحزب الشعب الذي ضم بشكل اساسي وجهاء مدينة حلب وحمص.
ويأخذ حزب الشعب الذي اسس في العام 1948 الصفة القومية فيما كان حزب الشعب الذي اسسه الشهبندر وطني يطالب باستقلال سوريا.
وعموما اختفى النشاط القومي في الحياة السياسية السورية اثناء فترى الاحتلال الفرنسي، حيث اختفت الاحزاب القومية التي عملت ضد السلطات العثمانية مع بداية الاحتلال وعاودت للظهور بعد الجلاء مباشرة.
ويمكن ان ندرج اسماء الاحزاب العاملة بعد الجلاء في سوريا في نهاية الاربعينيات وبداية الخمسينيات، الاخوان المسلمين، الحزب التعاوني الاشتراكي، السوري القومي الاجتماعي، عصبة العمل القومي، حزب الشعب، الحزب الوطني، التحرير العربي، حزب البعث، الحزب الشيوعي.