اسرار الماسونية والماسونيين في منطقتنا يكشفها عدد من مجلة منسية

بدأت من خلال سلسلة تسجليلات على قناتي على اليوتيوب استعراض تاريخ الماسونية في بلادنا، الجمعية او المنظمة "السرية" التي تبنى حولها الاساطير، للوصول مع متابعي القناة وقراء موقع سيريانيوز الى تصور اقرب للواقع حول دور هذه الجمعية في تاريخنا المعاصر.

وعليه بدأت بنشر مضمون مجلة من اهم دوريات الماسونية في سوريا رئيس تحريرها عضو بارز في واحد من اقدم المحافل الماسونية في دمشق وجيه بيضون، لكي نقترب من اجواء ما كان يحيط بهذه الجمعية في النصف الاول من القرن العشرين.

 

بالطبع بعد التتبع والقراءة وصلت الى استنتاجات هامة فيما يتعلق بدور الماسونية في الاحداث التي شهدناها في القرن الماضي وصولا الى اليوم، ولكن لا اريد ان افرض هذه الاستنتاجات عليكم، وذلك لكثرة ما التصق بالماسونية من ادعاءات وتكذيب لهذه الاداعاءات من تضخيم وتقزيم.. اصبح من الصعب ان يتم تصديق اي شيء حولها..

ولذلك اخترت ان اخوض معكم في مجموعة من الكتب والدوريات والوثائق، لنراجعها ونمضي خطوة خطوة للوصول الى استنتاجات مشتركة حول حقيقة هذه الجمعية ودورها في منطقتنا.

من خلال التسجيلات السابقة، فان اهم ما يمكن استنتاجه هو ان الجمعية كانت معروفة جدا في العقود الاولى من القرن العشرين، حتى انه لا يستقيم ان نطلق عليها اسم سرية، على الاقل في ممارساتها واجتماعاتها ومقراتها.. كل شيء كان معروف واستعراضنا لمجلة الانسانية التي هي مجلة للعموم هدفها الترويج للماسونية يثبت بان العمل على المستوى الشعبي على الاقل لم يكن سريا.

حتى انه في اكثر من مقال اشتكى اعضاء في المحافل ومنهم صاحب مجلة الانسانية من كثرة المنتسبين وعدم وجود معايير لضم الاعضاء، وعدم التزام الاعضاء بطقوس وتعاليم الماسونية..

يمكن ان نؤكد بان احد اهدافها هو ضم اكبر عدد ممكن من الاعضاء في ذاك الوقت، وهؤلاء الاعضاء عموم الاعضاء لم يكن لديهم هذا الدور الكبير في تحقيق اي اهداف واضحة للجمعية، ولكن هذا لا ينفي انه في تلك الفترة، من الممكن، ان الهدف كان عملية التنسيب والانتشار بحد ذاتها لتحقيق اهداف الاعضاء المؤسسين او من وراءهم.. الاهداف التي سنمضي كما قلت رويدا رويدا لاكتشافها..

وقع بين يدي عدد خاص لمجلة انشأها صاحب مجلة الانسانية نفسه باسم "كل جديد" باصدار خاص عن الماسونية..

طبعا الاصدار هدفه الدفاع عن الجمعية ونسب الاعمال البيضاء لها ولاعضائها.. الا انها تكشف عن كثير من الحقائق وتجيب على العديد من الاسئلة التي نبحث عن اجوبة عنها..

كما هو واضح من الغلاف فان العدد صادر في شهر اب من العام 1948، اي بعد جلاء القوات الفرنسية عن دمشق..

في الصفحة الاولى نرى مرافعة للدفاع عن المساونية بطريقة ساخرة تهزأ من الادعاءات التي تلتصق بها..

واذا تقدمنا في تصفح المجلة سنصل الى التعريف بمحفل مشهور في دمشق باسم "محفل ابراهيم الخليل" الذي تأسس بحسب المعلومات التي تعرف عنه في العام 1924 ويورد اسماء بعض "الاخون" اي الاعضاء في الجمعية، ويمكم القول بان كل الاسماء الواردة من عائلات معروفة ومطروقة في مجالات عدة، المهايني، مارديني، الطرابيشي، البيطار، الشلاح، الدبس، السادات، القدسي..

وفي الصفحة التالية صورة جماعية لمحفل ابراهيم الخليل ويرد ايضا كثير من الاسماء المألوفة ومنها اسم بدر الدين الشلاح والد راتب الشلاح الذي كان رئيس غرفة التجارة الى اجل ليس بالبعيد.. ويعتبر من كبار تجار دمشق..

في الصفحة المقابلة نجد ان محفل ابراهيم الخليل الذي اسس برعاية المحفل النيويوركي الاوحد، يشرح لماذا تم اختيار هذا الاسم في تبرير يشبه الى حد كبير ما يتم تداوله اليوم حول الديانة الابراهيمية، والاهم من ذلك اعتراف صريح سنبني عليه كثير من الاستنتاجات لاحقا بان الماسونية هي حكومة ضمن الحكومات لها سلطتها ونفوذها..

في اسفل الصفحة ذاتها نرى صورة لزيارة لاعضاء في المحفل الى قبر حيرام في صور باني هيكل سليمان ولهذا الموضوع ايضا قصة طويلة سنتناولها في تسجيلات لاحقة.

في الصفحة التالية مقال يتناول تاريخ الماسونية سنعرج على بعض المقاطع فيه..

مثل الاشارة الى ان "البحر المتوسط هو مهد الحضارة كما كان مهدا للماسونية في ان واحد.."

وفي رأيي هناك اشارة ايضا هامة وهي انضمام رجال الدين المسيحي الى الجمعية ودور "البنائين" التسمية الاخرى لاعضاء الماسونية في بناء الكنائس وتوثيق رسوم الماسونية على جدرانها تحمل افكار الماسونية ذاتها.

في الزاوية الاخيرة في الصفحة التاسعة معلومة هامة للغاية وهي تاريخ تأسيس اول محفل ماسوني في دمشق وهو محفل نور دمشق عام 1909 وربط هذا التاريخ بحدث الانقلاب العسكري الذي قام به ضباط (يصدف انهم ايضا ماسونيين) انور وطلعت وجمال باشا المعروف عندنا بالسفاح على السلطان عبد الحميد الثاني.. الذي باعتراف الماسون انفسهم في هذا العدد كان ضد الماسونية ومضطهدا لاعضائها.. وايضا هذه اشارة غاية في الاهمية.. بالاضافة الى معلومة اخرى بان فارس خوري الوطني السوري المعروف والذي كان له دورا بارزا في تاريخ سوريا المعاصر من الماسونيين القدماء وهو احد اعضاء اول محفل ماسوني في دمشق (نور الشام).

يؤكد هذا صور لفارس الخوري وهو شاب وتقديمه على انه من ابرز اعضاء الماسونية في سوريا من بين اسماء اخرى يمكن ان نميز بينها اسم بارز اخر وهو عبد الرحمن الشهبندر، السياسي الشهير والذي تعرض المجلة صورة له ايضا في صفحة لاحقة.

ومع استمرارنا في استعراض صفحات المجلة يمر علينا اسم من ابرز الساسة السوريين في النصف الاول من القرن العشرين وهو جميل مردم بك الذي شغل عدة مناصب رئاسية وكان رئيسا للوزراء لفترتين في تاريخنا المعاصر..

نمضي ايضا في باقي الصفحات لنتعرف على بعض الشخصيات السورية البارزة منها وجيه الحفار الذي كان صحفيا بارزا وصاحب جريدة الانشاء، وايضا اسعد طلس الكاتب والمفكر المعروف وواحد من كبار موظفي الخارجية السورية في الخمسينيات.

ايضا نجد في صفحة اخرى احمد عزة بك السكرتير الخاص المقرب من السلطان عبد الحميد الثاني ووالد اول رئيس منتخب لسوريا محمد علي العابد.

وكذلك في الصفحات التالية نجد اسما لـ حسني البرازي رئيس وزراء سوريا 1942 وهو من الاعضاء المؤسسين في الجمعية  العربية الفتاة، وعبد الرحمن الكيالي الشخصية البارزة والكاتب الحلبي المعروف.

ونجد ايضا هذه الصورة الجماعية لاخوان محفل تابع لمحفل الشرق الاعظم السوري الذي اسس في العام 1935، واهمية الصورة التعرف على الازياء والطقوس التي كان يمارسها اعضاء الماسونية.

في مصر كما في سوريا ضمت الماسونية اسماء بارزة، منها جمال الدين الافغاني ومحمد عبدة اللذان يعتبران من المحدثين ورمزان من رموز التجديد في الفقه الاسلامي، السياسي الابرز في تاريخ مصر المعاصر سعد باشا زغلول.

واذا تقدمنا قليلا سنجد ايضا اسماء ملوك العائلة العلوية الحاكمة في مصر مثل الخديوي توفيق والملك فؤاد الاول..

ايضا من الاسماء المهمة التي لعبت دورا كبيرا في تاريخ منطقتنا نميز اسم عبد القادر الجزائري!.. 

الامر مماثل في لبنان فعلى رأس الاعضاء الماسون من السياسيين نجد سامي بك الصلح الذي شغل منصب رئيس الوزراء في لبنان في العام 1942 وايضا اسماء ساسة من عائلات معروفة لعبوا دورا كبيرا في الحياة السياسية في لبنان..

نجد في ذات الصفحة تصريح منسوب لعبد الرحمن الشهبندر السياسي السوري البارز ومؤسس حزب الشعب.. يقول فيه انه ربما نسي اكثر الطقوس الماسونية ولكن لم ينس تعاليمها ومبادئها السامية..

ايضا من ضمن الصور الهامة المعروضة، صورة جماعية لاعضاء من المحفل الاكبر الوطني اللبناني السوري.. وفي ذات السياق هناك اشارة الى فارس خوري مرة اخرى تثبت بانه من الماسونيين الاوائل في سوريا في شهادة لاحمد ساعاتي عن والده فائق ساعاتي الذي وجد على شهادة الماسونية الخاصة به (بوالده) توقيعا يعود للعام 1911 لفارس خوري يلغي مفعولها وكان فارس خوري في عام التوقيع هذا في بداية الثلاثينيات من عمره.

في نهاية العدد نجد صورة لوجيه الحفار الصحفي المعروف صاحب الانشاء كما ذكرنا ولوجيه بيضون صاحب مجلة الانسانية ومجلة كل جديد التي نشرت كل هذه المعلومات في هذا العدد الخاص..

هذا العدد بالطبع يثبت بان الماسونية كانت منتشرة بشكل كبير في النصف الاول من القرن العشرين وتضم في اعضائها شخصيات سياسية مؤثرة وقادة واصحاب مناصب بارزة ومفكرين اسلاميين وكتاب رائدين..

هذه حقيقة يجب ان نثبتها ونبعدها عن خانة الاساطير..

المجلة لا تكشف اسرارا في عمق الماسونية وعلى مستوى قياداتها وارتباطها بالمحافل الغربية وفيما اذا تم استخدامها او استخدام اعضائها في تنفيذ مخططات خارجية..

هذه الافتراضات بحاجة الى بحث اضافي واستعراض طقوس واهداف الماسونية من الداخل وهو ما سنعرضه عليكم في تسجيلات لاحقة..