وجهة نظر مع نضال معلوف

ضرب "نطنز" النووية.. وحقيقة العلاقات الاسرائيلية الايرانية؟

14.04.2021 | 17:38

احيانا قد لا ننتبه بان التقدم لا يكون فقط بامتلاك الاسلحة المتطورة وامتلاك اقتصاد متعاف وجيش قوي.. فقط، بل هو ينسحب على كل مجالات العلوم، ومنها العلوم الاحصائية والاجتماعية والنفسية وعمل مراكز الابحاث..

يمكن ان اؤكد من طبيعة عملي الصحفي والبحثي، بان الدول المتقدمة تجمع عنا المعلومات بكل طريقة ممكنة، من خلال البعثات الكنسية والمدارس الاجنبية والجامعات والمشافي والانشطة الثقافية.. وطبعا السفارات..


شاهد التسجيل على قناة يوتيوب .. اضغط هنا


وموظفي السفارات عندهم ليس مثل موظفينا، فلا يعين في منصب السفير او العامل في السفارة الا الناس اصحاب القدرة، اناس مدربون لاداء المهام، التي منها جمع المعلومات او ادارة جمع المعلومات في كل بلد..

وهذا الموضوع ليس تكهنات فان لدي نشرات واصدارات منذ بداية القرن الثامن عشر عن بعثات كنسية وتعليمية وطبية تجمع وتصنف وترسل المعلومات بشكل دوري الى الادارات المختصة في اوربا واميركا وغيرها من الدول منذ ذاك الوقت..

من ناحية اخرى وايضا من خلال عملي الاستشاري كنت قد اطلعت سابقا وخلال الازمة على عمل مراكز الابحاث التابعة لهذه الدول كيف تعقد الاجتماعات والندوات وتقيم المناسبات وتستمزج اراء كل الشرائح والقطاعات في سوريا.. ودائما تسبقنا في التحليل والتخطيط وبناء الرؤى..

احد المراكز الاميركية وضع دستورا لسوريا بعد ان اقام عشرات الندوات واللقاءات مع وجهاء ونخب من كل المناطق.. وذلك منذ العام 2014 وكذلك فعلت "الاسكوا" التابعة للامم المتحدة فوضعت رؤية لمستقبل سوريا.. وهكذا..

معنى الحديث انهم "دارسينا" جيدا ويعلمون كل شيء عنا، وطبعا يستخدمون هذه المعرفة لتحقيق مصالحهم.

ونتيجة هذه الابحاث تستطيع الادارات والقادة في تلك البلدان تحديد مراكز القوى عندنا وحجمها وكيف يمكن تنميتها او اضعافها..

باختصار هم لا يقضون على القوة ولو كانت "شريرة" وانما يستخدمونها.. بالعلم..

نعود لموضوع ايران واميركا واسرائيل..

ليس من الضروري ان تكون ايران حليفا لاسرائيل واميركا، دول تتأمر علينا في السر وتظهر العداء لبعضها البعض العداء في العلن!..

ولكن القوى العظمى (الدول الكبرى) تلحظ  نتيجة المتابعة والدراسة وجود قوة ترتكز الى ايدلوجيا ما، قادرة على التمدد والنمو يمكن توجيهها لتخدم مصالحهم.. ايدلوجيا ربما تعتمد على اسطورة تاريخية رؤية دينية مذهبية ولها تربة صالحة لتنمو وتكبر باتجاهات مفيدة للدول الكبرى القوى العظمى..

تخيلو مثلا لو ان ايران استخدمت مواردها في الداخل وانكفأت على نفسها منذ السبعينيات مثل اليابان واتبعت سياسة تسخير هذه الموارد لنهضة علمية صناعية تكنولوجية كبيرة.. اتوقع انه سيكون واقعها مختلف عما هو اليوم.. كانت لتنشأ دولة حقيقية قوية في وسط اسيا يحسب لها الف حساب.. ومرشحة لتكون شريكة في كل ما يمر من مشاريع بين الشرق والغرب..

في المقابل نرى اليوم اصحاب ايديلوجيا معينة يضعون يدهم على البلد ويحاولون وفق "رؤية دينية" السيطرة والتمدد وخوض والصراعات لاحتلال الاراضي وتغيير معتقدات الناس.. امور لا تغتي ولا تثمن فقط تخرب ما حولها..

هذا النوع من القوة يخدم الغرب، فيغض النظر عنه، بل يدعمه بشكل غير مباشر من خلال تمكينه من نشر هذه الايدلوجيا وتهيئة الارضية الخصبة لها.. لتتمدد هذه الايديولجيا المدمرة الى خارج الحدود وتتحول حروبا في دول الجوار ومليشيات  تنشغل بعمليات تغيير المذاهب واساطير السيطرة الوهمية والمؤامرات الاستخباراتية.. والانتصارات الخلبية..

وتساعد في تفتيت المنطقة، وتقوم بالمهمة عن القوى العظمى التي تلتقي مصالحها مع ما ينفذه اصحاب هذه الايديولجيا في منع قيام دولة مدنية حديثة تعبر السلطة فيها عن مصالح الناس..

فيتم تبديد ثروات ايران وثروات الدول المجاورة، وينشأ بالنتيجة تهديد لدول الخليج، يجعل ابتزازها والحصول على الامتيازات والمكاسب اسهل.. ويكون لاسرائيل ان تستبدل اصحاب الحق الاصليين من الفلسطينين والسوريين بمليشيات ايرانية ليس لها علاقة بالقضية في لبنان وسوريا..

هذه القوى التي تسيطر على ايران اليوم، مفيدة لاميركا واسرائيل.. لذلك يحافظون عليها في مستويات محددة ويكون لديهم القدرة على توجيهها وضبطها..

عندما تتمدد هذه القوى الى اماكن غير مرغوبة جغرافيا او على سلم التطور التقني العسكري، يتم قصف وتدمير هذه الجزء غير المرغوب فيه..

انسحاب ايران من العراق وسوريا ولبنان سيكون اكبر خسارة استراتيجية لاسرائيل واميركا لانه لن يكون لديهم اي ذريعة للتدخل في المنطقة (طبعا هناك خطة بديلة هي داعش ولكن ليست بنفس القوة)..

وبالعودة للمنشأة النووية وقبلها العالم النووي واعطال باتت تحدث بدون تفسير فجأة والقصف الاسرائيلي للمواقع في سوريا..

هي عملية ضبط وتوجيه.. والولايات المتحدة واسرائيل تعلم وايران تعلم بانها غير قادرة على المواجهة الشاملة.. وانه عندما يتم قصقصة اجنحتها في موقع معين لا تمتلك الا القبول والسكوت او الترويج لسيناريوهات غير حقيقية عن انتقامات وهمية.. ولو حاولت الانتقام جديا، فهي مرصودة ومتابعة من خلال التفوق العلمية والتكنلوجي الذي لا يترك لها مجالا ابدا لتحقيق اي نتائج على ارض الواقع..

وهي ستبقى قوى عشوائية منفلتة توجه وتضبط من خلال القوى الكبرى تحديدا، ولمصلحتها دون تحقيق اي مصالح للشعب الايراني او لشعوب المنطقة..

فقط تخيلوا لو ان اميركا واسرائيل تريد خلق قوة بديلة تقوم بمهام ايران في المنطقة وتوفر لها الذرائع المناسبة.. كم سيكلفها هذا من المال والوقت والجهد.. اذا كان هذا ممكنا.. وسيخرج في النهاية سيناريو اقل اقناعا بكثير من السيناريو الذي يلعب بطولته النظام الايراني..

نضال معلوف

تابع قناتي على اليوتويب .. اضغط هنا 

 


TAG: