متعهد جنازة اعاد ميتا الى اهله لتأخرهم بدفع اجرته

يروي صاحب الزاوية هنا قصة طريفة عن متعهد جنازات استوفى حقه من اهل الميت بطريقة غريبة بعد رفضوا ان يدفعوا له المبلغ المتفق عليه

الحقيقة لا نعلم اذا كانت ما يكتب في باب " قصص من تاريخنا الهزلي" في مجلة المضحك المبكي حقيقية ، او انها من وحي خيال الكاتب ،او ربما تستند الى حكايا يتم تداولها بين الناس دون ان يتم التأكد منها ويتم عرضها لما فيها عبر او نقد له هدف تصحيح وضع قائم،  او الترفيه عن جمهور القراء.

يروي صاحب الزاوية هنا قصة طريفة عن متعهد جنازات استوفى حقه من اهل الميت بطريقة غريبة بعد رفضوا ان يدفعوا له المبلغ المتفق عليه  ونشرت في الباب الثابت من المجلة " قصص من تاريخنا الهزلي" في العدد 1013 ، 16 كانون الاول 1962.


هذه القصة وغيرها دفعت الحكومة لوضع قانون دفن الموتى

كان في دمشق قبل قانون دفن الموتى متعهد جنازات يسمى (السيد عبد الرحمن)، وكان هذا الرجل يستبد بأهل الموتى، ويفرض عليهم التكاليف التي يريدها.

ومن اطرف حوادثه، انه حدثت مرة وفاة عند احدى العائلات الدمشقية، فاستدعىي السيد عبد الرحمن (ماغيرو) ليقوم بغسل الميت وتجهيزه حسب الاصول، وقد اتفق مع اهله على مبلغ مقطوع ليقوم بجميع هذه العمليات حتى الدفن.

وبعد ان انتهت الجنازة ومراسيمها حسب الاصول، وجرى الدفن، عاد هذا الرجل يطالب اهل الميت بدفع المبلغ المتفق عليه، ولكن هؤلاء رفضوا ان يدفعوا له المبلغ بكامله باعتبار انه زائد عن اللزوم، وخصموا منه خمسين ليرة سورية.

ورفض السيد عبد الرحمن ان يقبض هذا المبلغ ناقصا، كما ان اهل الميت ظلوا مصرين على ان لا يدفعوا اكثر مما قرروا ان يدفعوه له.

وهكذا تركهم ومشي وهو يفكر بحيلة ينتقم بها منهم، ويتمكن من حملهم على دفع ما تبقى له عندهم صاغرين.

وصدف في اليوم الثاني ان استدعي السيد عبد الرحمن الى تغسيل وجنازة ميت فقير، فذهب اليه وغسله ثم وضعه في التابوت وحمله بواسطة اربعة من اصحابه، وذهب به راسا الى بيت المتوفي السابق، فقرع الباب، فخرجت امرأة، هي ام ذلك المتوفي، فإذا بها امام تابوت، وامامه السيد عبد الرحمن، وقال لها.

خذي.. هذا ابنكم.. لقد اعدته اليكم.. فما دمتم ترون ان المبلغ الذي اتفقت عليه معكم زائد عن الحد، فأنا ارجعته لكم لتجدوا احدا غيري يستطيع ان يجنزه ويدفنه بسعر اقل مما طلبته منكم..

وهكذا ادخل السحلية الى الدار وتركها ومشي..

وعندها اعيد العزا في البيت مجددا، واشتغلت الولاويل واشتد اللطم، ولما كان اكرام الميت دفنه، فقد لحقوا جميعا بالسيد عبد الرحمن يتوسلون اليه ان يعيده الى المقبرة، واعلنوا انهم على استعداد لأن يدفعوا له ما يتطلبه على آخر غرش..

ولكن (عبد الرحمن) رفض ان يرفع السحلية من الدار قبل ان يستوفي حقه عدا ونقدا حتى لا يقع بما وقع فيه سابقا..

ولما كان اهل الميت لا يملكون المبلغ المطلوب فقد اخذوا يجمعونه من السمان والخضرجي وبعض الجيران حتى اذا تمت عملية الجمع تقدموا من هذا المتعهد ودفعوا له المبلغ بالتمام والكمال..

وهكذا حمل السحلية مع رفاقه من البيت وذهبوا بها الى المقبرة.. ونجحت الحيلة.

ان مثل هذه الامور وكثير غيرها على شاكلتها هي التي دعت بالحكومة الى ان تضع قانونا لدفن الموتى لتضع حدا لمتعهدي الجنازات وغيرهم..


صدرت مجلة المضحك المبكي في دمشق عام 1929، وهي مجلة سياسية كاريكاتورية اسبوعية من اشهر المطبوعات السياسية الساخرة في الوطن العربي ، ويمكن اعتبارها هي من اسس الكوميديا السياسيّة على الساحة السورية ( وربما العربية). اصدرها الصحفي حبيب كحالة ( 1898 – 1965 ) وهو درس التجارة والاقتصاد في الجامعة الاميركية في بيروت. أنشئ كحالة في بداية الثلاثينات من القرن الماضي مطبعة حديثة بدمشق لطباعة المجلة، وكانت تقع في شارع الملك فؤاد الأول، استمرت هذه المجلة في الصدور إلى عام 1965 ، وقامت "الجهات المعنية" بإغلاق المجلة وإلغاء ترخيصها وذلك عام 1966.


المواضيع الأكثر قراءة

SHARE

close