جدير بالذكر
شجرة الدر.. الجارية التي حكمت مصر وانتصرت على الصلبيين
في 12 نيسان عام 1257 توفيت الملكة شجرة الدر تلك الجارية التي اعتلت عرش الدولة الأيوبية في مصر لمدة 80 يوما وتمكنت من هزيمة الصليبيين.
شجرة الدر أو شجر الدر هي عصمة الدين؛ أم خليل، وهي أرمينية من أصل تركي، كانت جارية اشتراها السلطان صالح نجم الدين أيوب، وقد افتتن السلطان بجمالها وذكائها وحظيت عنده بمكانة مرموقة حتى أعتقها وتزوجها وأنجبت منه ابنهما خليل، الذي توفي في الثاني من صفر لعام 648هـ.
وُلدت شجرة الدر في تركيا في أرمينيا الجبلية، وقد اختطفت شجرة الدر وبيعت في سوق النخاسة مع غيرها من الجواري والغلمان، وعندما اشتراها السلطان اعتنقت الإسلام.
رافقت شجرة الدر الملك الصالح في فترة اعتقاله في الكرك سنة 1239 مع عدد من مماليكه، وبعد ما خرج الصالح من السجن ذهبت معه إلى مصر وتزوجوا هناك وأنجبت ولد اسمه خليل، لُقِبَ بالملك المنصور.. وبعد أن أصبح الملك الصالح سلطان مصر سنة بقت تنوب عنه في الحكم عندما يكون خارج مصر وهكذا بلغت شجر الدر مرادها ، حيث قاسمت زوجها المجد والسلطة.
وكانت شجر الدر قادرة على تسيير الجيوش للحرب وذلك عندما تعرضت مصر لحملة الصليبيين، حيث توفي الملك الصالح بشكل مفاجأ في لحظة حرجة والبلاد تحت هجوم الصلبيين بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع فما كان من شجر الدر ألا انها استدعت قائد الجيش المصري الأمير فخر الدين يوسف ورئيس القصر السلطاني الطواشي جمال الدين محسن وأخبرتهم بوفاة الملك الصالح وأن مصر الآن في موقف صعب من غير حاكم وهناك غزو خارجي متجمع في شمال مصر، فأتفق الثلاثة ان يخفوا الخبر حتى لا تضعف معنويات الجند والناس ويتشجع الصليبيون.
بعثت شجر الدر تستدعي توران شاه ابن الصالح أيوب حتى يحكم مصر بدل أبوه المتوفي، وظلت شجر الدر والأمير فخر الدين يصدرون الأوامر السلطانية، وقالوا ان السلطان مريض ولا يستطيع مقابلة أحد.. وعندما لاحظت شجرة الدر ان خبر وفاة زوجها اوشك ان ينكشف أصدرت أمراً سلطاني بتجديد العهد للسلطان الصالح أيوب وتنصيب ابنه توران شاه ولي عهد للسلطنة المصرية وحلفوا الامراء والعساكر وان يُدعى لها على المنابر في المساجد ، وذلك لتبقى السلطة في يدها.
وصلت اخبار وفاة الصالح أيوب للصليبيين في دمياط بطريقة ما فتشجعوا وقرروا الخروج من دمياط والتوجه للقاهرة فهجموا على الجيش المصري في المنصورة لتقع معركة المنصورة الشهيرة والتي شارك بها المتطوعون من أهالى المنصورة وهم يرتدون خوذ من النحاس الأبيض بدل خوذات العساكر المماليك حاصروا القوات الصليبية المهاجمة واغلقوا الشوارع والحواري وبقى الصليبيين غير قادرين على الهروب لتنتهي المعركة بهزيمة الصليبيين هزيمة منكرة في حواري المنصورة وقتل منهم عدد كبير لدرجة انه لم ينجو من فرسان المعبد الا واحد أو اثنان وبلغ من حماس شجر الدر أنها كانت تعاون الأهالي مع الجنود في صد هجمات الاعداء والرد عليهم.
لم يدم حكم توران شاه اكثر من 5 اسابيع وذلك لفساده وطغيانه اذ قام بإبعاد رجال الدولة الاكفاء ، فقان المماليك بقتله وأُلقيت جثته في العراء لمدّة ثلاثة أيام ولا أحد يعرف أين دُفنت، وبموت توران شاه انقرضت أسرة الأيوبيين في دولة مصر، وأصبح العرش خالِياً إلى أن بايع الأمراء ورجال الدولة شجرة الدر لتكون أول ملكة تجلس على العرش في التاريخ الإسلامي، وكان لقبها الملكة عصمة الدِّين، وتم نقش اسمها على الدنانير والدراهم وبدأ في عهدها تسيير المحمل المصري إلى دولة الحجاز والذي كان يحمل كسوة الكعبة، إضافةً إلى نقل الأموال والمؤن إلى أهل البيت.
عند تولّي شجرة الدر العرش جاءت ردود الفعل غاضبة ورافضة لأن تتولى العرش امرأة، فأدركت شجرة الدر بذكائها أنّه لا بد من وجود رجل يساندها، وعندها تزوجت من الأمير عز الدين أيبك التركماني، وبعد أن بلغت شجرة الدر الخمسين من عمرها أخذ يُخطط لمستقبله ومن سيتولى العرش من بعده خاصّةً أنّ شجرة الدر لن تستطيع الإنجاب لكبر سنها، فقرر أن يتزوج من ابنة بدر الدين لؤلؤ حاكم الموصل، وعندها ساءت علاقته بشجرة الدر وغضبت منه بعد أن علمت أنّه ينوي الزواج، وقررت أن تقضي عليه عن طريق غلمانها، ويذكر المؤرخون أنّها اغتالته بضربِه على رأسه الضربة الأولى بالقبقاب، ثم تابع الغلمان ضربه حتى مات.
هبّ أنصار عز الدين أيبك ثائرين على شجرة الدر وهاجموها ثم قادوها إلى أحد أبراج القلعة لتلبث سجينة فيها ومجرّدة من نفوذها، ثم نادوا بابن عز الدين من جاريته وهو نور الدين ملكاً على مصر والشام، وأعطوه لقب الملك المنصور، فقامت شجرة الدر باستجماع من بقي من أعوانها وقتلت الطفل نور الدين.
تعددت الروايات حول مقتل شجرة الدر الا أنّ أشهرها يقول إنّه عندما وصلت أنباء مقتل نور الدين إلى أمه اجتمعت مع المماليك وطلبت منهم أن يقتلوا شجرة الدر، وبالفعل اقتاد المماليك شجرة الدر إلى أم نور الدين والتي بدورها أشارت إلى الجواري ليضربنها بالقباقيب إلى أن ماتت، ويقال أيضاً إنّ زوجة المعز الأولى هي التي حرّضت ابنها علي على قتل شجرة الدر انتقاماً لأبيه.
سيريانيوز