"الغرباء" أول مستشفى حديث في دمشق ومقصد المرضى من كل حدب وصوب

05.10.2016 | 15:49

بعد أن تعرض قطاع الصحة في سوريا خلال السنوات الأخيرة لأضرار قدرت بعشرات المليارات، وخرجت عن الخدمة مئات المشافي والمستوصفات، دعونا نلقي نظرة سريعة على تاريخ المستشفيات ومدراس الطب في دمشق، حيث كان فيها منذ العصر المملوكي ثلاث مدراس للطب هي "الداخورية"، وتقع جنوب الجامع الأموي، "الدنيسرية" و"اللبودية" وتقع بالقرب من منطقة المزة، كما وكان فيها ثلاثة بيمارستانات (مستشفيات)، أشهرها "البيمارستان النوري" الذي يعود تاريخ بنائه للعصر الأيوبي، وكان لا يقل أطباؤه وصيادلته عن عشرين شخصاً.

"مشفى الغرباء" نواة الطب الحديث في دمشق

ظل البيمارستان النوري في الخدمة حتى عام 1899، إلى أن تم بناء المستشفى "الحميدي" بدلاً عنه في عهد الوالي "حسين ناظم باشا"، وبلغت تكاليف بنائه في ذلك الوقت ما يقارب 800 ألف قرش، وقد عُرف في أول عهده باسم المستشفى "السلطاني" أو "الحميدي"، ولكن الشوام أطلقو عليه اسم مستشفى "الغرباء" لأنه كان يستقبل المرضى من الفقراء والغرباء، وسمي سنة 1919 في عهد الحكومة العربية الفيصلية باسم مستشفى "الوطني"، ولم يقف دور هذه المستشفى هنا بل كان له دور لاحق في احتضان المدرسة الطبية العربية.

اللغة العربية هي الرسمية في التدريس الطب

مع بداية القرن الماضي سعى "حسين ناظم باشا" إلى إنشاء أول مدرسة للطب تُؤسس في "دمشق" وتدرس العلوم وفق الطرق الحديثة، وصدرت إرادة السطان "عبد الحميد الثاني" في 27 أيلول 1901، وعُهد إلى الأمير اللواء الطبيب "فيضي باشا" بتنظيمها، وتم تعيين أساتذة لها من "الآستانة" لتدريس الطب والصيدلة فيها باللغة التركية.

 واتخذت حينها مقراً لها مبنى "زيوار باشا" الذي كان يقع بين ما يسمى حالياً ساحة الثامن من آذار "ساحة عرنوس" والمستشفى الإيطالي، ولما اندلعت الحرب العالمية الأولى سنة 1914، نُقلت هذه المدرسة عام 1915 إلى "بيروت"، وشغلت مقر المدرسة الطبية التي تركها الآباء اليسوعيون وظلت فيها حتى انتهاء الحرب عام 1918.

بعد أن انتهت الحرب العالمية الأولى، وخرج العثمانيين من سوريا ظهرت في "دمشق" فكرة إيجاد جامعة تدرس باللغة العربية، وتقرر إنشاء مدرسة للطب على أنقاض "المكتب الوطني" العثماني، تُعلم الطب البشري والصيدلة، ويتولى التدريس فيها أطباء عرب على أن تكون العربية لغة التعليم فيها، وأطلق عليها اسم "المدرسة الطبية العربية"، وقد خصصت الحكومة الفيصلية يومئذ مبلغ ألفي ليرة عثمانية لتُنفق على هذه المدرسة وعلى مدرسة الحقوق لتؤلفا نواة جامعة عربية.

وفعلا تم افتتاح المدرسة الطبية العربية رسمياً يوم الأثنين 23 كانون الثاني 1919، في بناء المستشفى الوطني، واستؤنف التدريس باللغة العربية بعد توقفه في "القاهرة" و"بيروت"، وانقطاعه مدة خمسة وثلاثين عاماً، وقبيل افتتاح المدرسة راحت "دائرة رئاسة الصحة" تنشر إعلانات في المجلات والصحف تدعو فيها الطلاب القدامى إلى الالتحاق بالمدرسة لمتابعة دراستهم، وتدعو الطلاب الجدد إلى مراجعة لجنة خاصة تقوّم معلوماتهم، وقد تشكلت هذه اللجنة من أعضاء أول هيئة تعليمية أخذت على عاتقها البدء بتدريس الطب بالعربية.

أهمل .. رمم .. تحول إلى قاعة مؤتمرات

وبعد انتقلت كليات الجامعة السورية إلى مباني مستقلة وبُنيت المشافي الحديثة، أهمل المبنى في النصف الثاني من القرن الماضي، وظل مهملا وآيلا للسقوط حتى قبل وقت قصير، حيث تقرر ترميميه وإصلاحه بشكل كامل وبتبرع من رجل الأعمال السوري "وفيق رضا سعيد"، حيث وصلت تكلفة ترميمه الى حوالي 7 ملايين دولار أميركي.

تم تجهيزه بآلات وأجهزة متطورة تحتاج لخبرة عالية في التشغيل والصيانة، وقد تم تحويل المبنى إلى مركز متطور للمؤتمرات، وسلم إلى إدارة جامعة دمشق ووزارة التعليم العالي السورية لاستخدامه في عقد المؤتمرات وأنشطة متنوعة يغلب عليها الطابع العلمي والأكاديمي، ولا يقتصر استقبال النشاطات على الجامعة، بل هناك وزارات ومؤسسات دولية وسفارات معتمدة بدمشق تنظم نشاطات عديدة، وأطلق عليه اسم «مركز رضا سعيد للمؤتمرات».

RELATED NEWS
    -