سورية: حديث أمريكي بنهكة الهزيمة عن نهاية الحرب ... بقلم: الدكتور خيام الزعبي
حاولت أمريكا منذ أحداث 11 سبتمبر إيهام العالم بأنها في حالة حرب ضد الإرهاب، حتى تعطي لنفسها الفرصة لتحقيق مصالحها وأهدافها بتنصيب نفسها الزعيم الأوحد على العالم، لذلك إتسمت تدخلاتها في الحرب السورية، إضافة الى تدخل تركيا وبعض دول الخليج وإسرائيل في هذه الحرب، تدخلا مباشراً ويغص بالمتناقضات الكبيرة
إذ كانت إدارة الرئيس الأمريكي أوباما هي المسؤولة عن هذا الوضع في سورية فهو لم يف بوعوده بشأن تقديم المساعدة لمكافحة الإرهاب بل مارست إدارته ضغوطا شديدة على الجهات الأجنبية وتدخلها في الحرب السورية كي لا تخرج في مساعداتها عن السياسة الأميركية في سورية، والتي كانت ترمي لخلق وضع لا تنتصر فيه أية جهة أي يبقى الصراع بين القوى المتصارعة في سورية ما بين المد والجزر، فأحيانا يتفوق هذا الطرف وأحيانا ذاك.
بعد إرتكاب داعش أبشع الجرائم الإجرامية ضد أبناء الشعب السوري وزيادة نفوذه في المنطقة بتمويل ودعم خارجي، قرر الرئيس الروسي بوتين التدخل عسكرياً في سورية، وبشكل خاص سلاحه الجوي وقوته الصاروخية، وعلى عكس الرئيس أوباما الذي أراد السيطرة على الحرب عبر سياسة معقدة تقوم على تزويد المجموعات المتطرفة بالأسلحة والمعدات الحربية، فقد ألقى بوتين بكامل ثقله العسكري والإستراتيجي في الحرب بمساعدة الجيش العربي السوري من أجل القضاء على الإرهاب وطرد مقاتلي داعش خارج الاراضي السورية.
إنهارت داعش وحلفاؤها مرة أخرى أمام قوات الجيش السوري بعد أن إنهزمت في منطقة حلب وريفها وتم تحريرها في واحدة من أروع صور التحدي والصمود شاركت فيها المقاومة لكي تؤكد وجودها ووجود الوطن معززاً كريماً خالياً من عصابات داعش، هذا الإنتصار لم يأتي من فراغ بل جاء نتيجة تضحيات عدد من الشهداء ليؤكدوا إن داعش ليست بهذا التهويل والحجم الذي تحاول بعض القوى إن تجعل منه قوة كبيرة، ويبدو إن هذا التهويل كان يراد من خلاله مبرراً لدخول أمريكا وحلفاؤها إلى سورية تحت عنوان محاربة داعش، وبالمقابل ظهرت مخاوف تركيا وحلفاؤها في المنطقة من هذا التقدم الكبير للجيش السوري، بكونه ينهي الوجود المسلح في منطقة كانت تعتبر المنفذ الأساس للأسلحة والجهاديين نحو الداخل السوري.
إن حديث الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا بقرب انتهاء الأزمة السورية يشير الى سعيها للخروج من الوحول السورية لدوافع عدة، ربما أبرزها المقاومة التي يظهرها السوريون وحلفاؤهم ضد القوى المتطرفة والتي سمحت لهم بالمبادرة في الهجوم حيث بات الجيش السوري يسيطر على مناطق واسعة كانت تحت سيطرة داعش، ما يعني فشل الأهداف الإستراتيجية التي وضعتها أمريكا وحلفاؤها لعدوانها حيث ما زال الجيش في أوج قوته بينما تعجز المجموعات المتطرفة عن تأمين المناطق المتواجدة فيها، لا سيما في حلب وحماه وحمص وريف دمشق .
في سياق متصل إن الغرب وحلفاؤه من الدول العربية راهن على داعش والقوى المتطرفة الأخرى فخسروا جوادهم الذي بدا أنه غير قادر على كسب السباق مع الملايين التي خرجت ترفض إستمرار وجودهم في سورية بسبب إرتكابهم المجازر بحق الشعب، فهناك أصوات داعشية سياسية , تعرف أن توحد الشعب بمكوناته, يشكل هزيمة كاملة لها, ومن هنا فإن خريطة الطريق الوحيدة الممكنة للوصول الى الأمن والإستقرار في سورية هي تلك التي تنطلق من التعامل مع التحديات الراهنة، والعمل تحت سقف مشروع سياسي جامع لكل مفردات سورية الجديدة والتركيز على المصالحة بين كافة أطياف وأطراف المشهد السوري والعمل على إيجاد أهداف ومعان مشتركة جامعة قادرة على إستقطاب كافة السوريين تحت سقف واحد، لندرك هنا إن تحرير سورية من القوى المتطرفة, هي أولى الخطوات نحو الخروج من عنق الأزمة والفتن الطائفية والإنقسام, وإن العبرة من تحرير بعض المناطق من أيدي داعش يعزز الأمل فينا بإنتصارات قادمة .
مجملاً....إن سورية ستبقى صامدة بوجه الإرهاب الدولي والإقليمي من جهة، وبوجه الإرهابيين والقتلة من جهة ثانية مهما طال أمد الازمة، وما يؤكد إستطاعة سورية على الصمود بوجههم، هو إستعادة الجيش السوري وحليفه من السيطرة على كثير من الأراضي التي إحتلها تنظيم داعش والمجموعات الأخرى، فأملي الوحيد هنا أن يتوقف الدعم الغربي والعربي للإرهاب وتنتصر سورية على المخططات التدميرية التي تتربص بها لتبقى نموذجاً ناجحاً يهتدي به العالم، ويعود أبنائها إليها وإلى أنفسهم للمشاركة في بنائها والعيش الكريم في أرجاءها.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts