قناة اليوتيوب

مرسوم بتوزيع 15 مليون لكل مواطن سوري؟!

03.03.2021 | 20:11

هكذا بدا الامر في تغطية الاعلام لصدور قانون حمل الرقم 8 للعام 2021 حول تأسيس ما سمي "بمصارف التمويل الاصغر" الذي هو في حقيقة الامر يسمى في العالم بمصارف "الفقراء"..

وان كان صدور القانون اعترافا وتكريسا لحالة الفقر المتفاقم في سوريا، الا ان الاهتمام بما يعرف بالتمويل الاصغر الذي تشكل عملية الاقراض جزءا منه وينسحب نشاطه على الايداع والتوفير والتأمين.. الخ الذي يطال الشرائح غير القادرة على الحصول على مثل هذه الخدمات من المصارف التجارية امر جيد بالعموم ولكن..


شاهد التقرير المصور .. اضغط هنا 


ولكن يجب ان نوضح بعض الامور..

اولا ان القانون الصادر هو قانون بتأسيس المصارف وليس كما سوق له في الاعلام وكانه قانون لاعطاء القروض بدون ضمانات بمعنى ان هذا الترخيص يحتاج الى وقت طويل بالاضافة الى وجود طرف له الرغبة في تأسيس مثل هذه المصارف (التي يثار حول عملها تعقيدات ومشاكل كثيرة) في سوريا.. وخاصة في سوريا..

اي يجب ان ينتظر المواطن اليوم الجهات الراغبة في ترخيص مصارف جديدة في سوريا محلية او اجنبية وان تقوم بتقديم الطلبات ودراسة الطلبات والموافقة عليها ومن ثم تأسيس هذه المصارف التي عادة ما يتبع لها كثير من الفروع (تسمى مصارف قروية في بعض البلدان) وتوظيف العاملين.. الخ لتبدأ بعملية الاقراض..

وهنا يجب ان نسأل هل بالفعل هناك جهات يمكن ان ترغب بالاستثمار في سوريا في الاقراض لفئة معدمة لا تجد ثمن الطعام.. بدون ضمانات وتمارس العمل على انه عمل تجاري ناجح.. لانه في النهاية لكي يكون عملا مستداما، بمعنى مستمر يجب ان يحقق الارباح.. هل سنجد من يستثمر في هذا المجال في بلد بات مهدد بوجوده بالفعل؟.. واذا وجدنا هل سيكون هذا لاهداف اقتصادية او تنموية اجتماعية؟!

ثانيا والاهم بانه يجب ان نعرف هذه التجربة قديمة وتعود لسبعينيات القرن الماضي، وبحسب قراءتي لكثير من الدراسات التي قيمتها فانها باتت غير مرغوبة لكثير من العوامل التي لا مجال لعرضها هنا.. وتحولت لكي تكون عوضا عن مصارف خاصة للتمويل الاصغر.. لكي تكون وحدات في المصارف العاملة اصلا في البلد التي يمكن لواحد او اكثر او كل المصارف ان تؤسس وحدات التمويل الاصغر فيها وتعتمد على بنيتها ورأسمالها وخبرتها ومشرفيها.. الخ..

وهذا امر اكثر منطقية في سوريا خاصة مع التصريحات التي صدرت مؤخرا والتي تشير الى تراكم اموال الادخار في المصارف "التوفير" بحيث منعت هذه المصارف المودعين من ايداع مبالغ كبيرة.. لماذا اذا نفتح الباب لمصارف جديدة.. لمغامرة لا نعرف كيف ستكون نهايتها وليس لدينا خبرة فيها والاهم ان التجربة اثبتت ان لهذا الشكل من المصارف مساوئ اكثر من المحاسن..

اخيرا.. القروض التي يجول مراسلو المحطات المحلية في الشوارع يسألون الناس اذا كانوا مسرورين للحصول عليها (وهي كما رأينا بعيدة المنال) هناك شروط لكي تكون قروض في المكان الصحيح.. ( شاهد

اثبتت الممارسة انه لا يمكن منحها للمعدمين لانهم سيستخدمونها في الاستهلاك وليس الانتاج.. (خاصة انها بدون ضمانات).. وانها لا تصلح للفقراء الذين هم تحت خط الفقر باشواط وهي الشريحة الواسعة اليوم من المجتمع السوري..

وان هذه القروض ستكون ناجحة في حال كان هناك فرص اقتصادية اي ان اقتصاد البلد متعاف ويشهد النمو ويطلب من شرائح غير تجارية او غير مليئة المشاركة في نمو الاقتصاد وان يمتلك هؤلاء المقترضين المهارات في الاختصاصات التي يقيمون بها مشاريعهم.. وهذا وان توفر فان كل الباقي الذي ذكرناه في سوريا غير متوفر..

وعليه
.. فان هذا القانون وما رافقه من ضجة اعلامية ليس الا "طنبرة" للمواطن.. الذي بات عصيا عليه اليوم ان تتم "طنبرته" فهو يدرك تماما بانه لا خير فيما تقدمه مثل هذه الحكومات.. وان لا حلول تأتي الا بعد ان نجد حلا للمشكلة الاساسية للبلد.. وقبلها اي كلام هو مجرد هراء.

نضال معلوف

 


TAG: